BBC العربية
دخلت المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأحد 16 من أبريل/نيسان، يومها الثاني وسط أنباء عن مقتل 100 مدني على الأقل.
وتجددت الاشتباكات بين الجانبين في أنحاء متفرقة من العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، مع تضارب الأنباء حول السيطرة الفعلية لكل طرف منهما على المنشآت الحيوية.
وانقطع بث التليفزيون السوداني، بعد ظهر الأحد، بعد أن ظل لنحو يومين يكتفي ببث الأغاني الوطنية.
وأعلن الجيش السوداني سيطرته على “قواعد ومقرات الدعم السريع في بورتسودان وكسلا والقضارف والدمازين وكوستي وكادوقلي ومعسكر كرري بشمال أم درمان”.
في المقابل، نفت قوات الدعم السريع سيطرة الجيش على مقارها، مضيفة أنها “تمكنت من السيطرة على مطار مروي”، وأن قواتها تقاتل من أجل السيطرة على مناطق حيوية في العاصمة.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية، صباح الأحد 16 من أبريل/نيسان، إن عدد قتلى الاشتباكات بلغ 56 مدنيا وعشرات العسكريين، فضلا عن إصابة نحو 600 شخص من المدنيين والعسكريين، منهم عشر حالات حرجة.
وأشارت اللجنة ذاتها إلى وجود “وفيات وإصابات بين المدنيين لم تتمكن من الوصول إلى المستشفيات والمرافق الصحية نسبة لصعوبة الحركة واعتراض القوات النظامية لعربات الإسعاف والمسعفين”.
ودعت اللجنة الطبية إلى “تغليب صوت العقل والوقف الفوري لإطلاق النار العبثي والذي راح ضحيته أبرياء مدنيون عزّل، ولابد من فتح ممرات آمنة لإجلاء المحتجزين والعالقين والمصابين لإسعافهم”.
وأطلقت إدارة مدرسة “كمبوني”، تقع بالقرب من القصر الجمهوري وسط الخرطوم، نداء عاجلا لقوات الجيش وقوات الدعم السريع، لتأمين ممر آمن لإجلاء العالقين فيها من الطلاب والمعلمين.
وقال محمد منصور أحد المسؤولين في المدرسة لـ “بي بي سي”، إن الطلبة والعاملين “ظلوا عالقين منذ صباح أمس السبت، وحتي هذه اللحظة”، مشيرا إلى أن “التلاميذ يعيشون في أوضاع في غاية الصعوبة”.
وأضاف منصور أن القتال بين الطرفين يدور بالقرب من مقر المدرسة، وهو ما أدى إلى عدم قدرة التلاميذ والمعلمين على الخروج منها، وأن “العديد من الرصاصات الطائشة والمقذوفات سقطت في فناء المدرسة دون أن يتسبب ذلك في حدوث أضرار”
وتضم المدرسة تلاميذ المرحلتين الابتدائية والمتوسطة.
ودعا الطرفان المتحاربان المواطنين إلى التزام منازلهم وعدم مغادرتها. وتسبب الاقتتال الدائر في محاصرة الكثير من المديين داخل منازلهم وعدم تمكنهم من الخروج.
ووافق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأحد، على فتح مسارات آمنة للحالات الإنسانية لمدة ثلاث ساعات تبدأ من الساعة الرابعة عصرا (التوقيت المحلي)، بعد وساطة أممية وإفريقية.
“كيف بدأ القتال بين الطرفين”
وتفجر القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، السبت 15 من أبريل/نيسان، مع تحميل كل طرف منهما الطرف الآخر مسؤولية بدء القتال ومهاجمة الآخر.
وقال قائد الجيش السوداني، الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان، “لم نبدأ أي حرب، كنا موجودين في قيادتنا، وفوجئنا بهجوم في التاسعة وعشر دقائق صباحا”.
وأضاف البرهان أن قوات الدعم السريع “تحرشت بقوات الجيش في منطقة المدينة الرياضية” (جنوبي الخرطوم)، حيث بدأت الاشتباكات بين الطرفين.
في المقابل، نفى قائد قوات الدعم السريع، الفريق/ محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بدء قواته الهجوم قائلا: “تفاجأنا بقوات كبيرة جدا حاصرت قواتنا في أرض المعسكرات واقفلوا الشوارع واقفلوا الكباري”. واتهم حميدتي البرهان بـ “الانقلاب والسعي لتمكين وإعادة أنصار النظام القديم (نظام عمر البشير)”.
وفي دلالة على إمكانية اتساع رقعة الصراع، قالت قوات الدعم السريع في بيان: “تتعرض قوات الدعم السريع في بورتسودان إلى هجوم من طيران أجنبي، نحذر من التدخل الأجنبي ونهيب الرأي العام الاقليمي والدولي إلى وقف هذا العدوان والمسلك”.
ويأتي القتال الحالي بعد سلسلة من الاضطرابات أعقبت الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في عام 2019.
وأزاح الجيش السوداني البشير عن السلطة، في أبريل/نيسان 2019، بعد مظاهرات شعبية حاشدة خرجت ضد الرئيس السابق في عموم السودان واستمرت لعدة أشهر.
ووافقت المؤسسة العسكرية، عقب الإطاحة بالبشير، على فترة حكم انتقالي بمشاركة الفصائل المدنية.
وتشكلت حكومة مشتركة من المدنيين والعسكريين، لكنها أُسقطت لاحقا بعد انقلاب قام به المكون العسكري بقيادة البرهان على المكون المدني، في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
وعقب الإطاحة بالمكون المدني، تصاعدت حدة التنافس بين عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي للبلاد، من جهة، ونائبه قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، من جهة أخرى.
ووضعت الفصائل العسكرية وبعض القوى المدنية إطارا جديدا لاتفاق حول نقل السلطة إلى المدنيين، في ديسمبر/كانون الأول 2022، لكن المحادثات حول تنفيذ تفاصيل الاتفاق والتوقيع عليه فشلت نتيجة عدة خلافات، أهمها وضع قوات الدعم السريع وإدماجها في صفوف الجيش السوداني.
“ردود فعل داخلية وخارجية”
وحذرت قوى الحرية والتغيير من استمرار القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مشيرة إلى أن المعارك “تتصاعد وتيرتها بصورة تهدد وحدة وتماسك وسيادة الوطن”.
واتهمت قوى الحرية والتغيير في بيان، من وصفتهم بـ “فلول نظام المؤتمر الوطني البائد” بأن لديهم مخططات “لجر البلاد لحرب لا تبقي ولا تذر، بهدف قطع الطريق أمام استرداد مسار الانتقال المدني الديمقراطي”.
ودعت قوى الحرية والتغيير قيادة القوات المسلحة السودانية وقيادة قوات الدعم السريع “لتحكيم صوت الحكمة ووقف المواجهات العسكرية فورا والعودة لطاولات التفاوض، فالقضايا العالقة لا يمكن حلها حربا والخيار الأفضل لبلادنا هو معالجتها سلما عبر الحلول السياسية”.
كما طالبت الشعب السوداني بـ “التصدي لمخططات فلول نظام المؤتمر الوطني البائد وعدم السماح بتمريرها تحت أي غطاء كان، واعتزال خطابات الكراهية والتهييج وتأجيج الحرب”.
وعرضت كل من مصر وجنوب السودان التوسط في الأزمة القائمة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وبحسب بيان رسمي صادر عن الرئاسة المصرية، أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظيره في جنوب السودان، سلفا كير، اتصالا هاتفيا دعت فيه القاهرة وجوبا طرفي الصراع إلى “تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني”.
وأشار البيان الرئاسي إلى أن “تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة، مؤكدين أن ترسيخ الأمن والاستقرار، هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي، وتحقيق البناء والتنمية في السودان”.
وعقدت الجامعة العربية اجتماعا طارئا دعت له مصر والسعودية، على مستوى المندوبين الدائمين. وذكر بيان صادر عن الجامعة العربية أن مجلس الجامعة سيكون في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في السودان، والتنسيق مع السفراء العرب المعتمدين في الخرطوم، لتقديم الدعم اللازم لعودة الاستقرار.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري واستئناف المحادثات المتوقفة بشأن إعادة البلاد إلى الحكم المدني.
ومن جانبها، قالت الخارجية الأمريكية إن الوزير بلينكين تواصل مع “الدول المؤثرة” لمحاولة وقف الاقتتال. كما دعت كل من الخارجية البريطانية والاتحاد الأوروبي وروسيا الأطراف المتصارعة إلى وقف فوري للأعمال العسكرية.
وأعلن برنامج الغذاء العالمي وقفا مؤقتا لجميع عملياته في السودان بعد مقتل 3 من موظفيه.
ويعيش السودان أوضاعا اقتصادية صعبة وعدم استقرار سياسي منذ سنوات.
- هل يدفع المواطن السوداني ثمن صراع العسكريين؟
- كيف يمكن تجنيب المدنيين تكلفة الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
- هل يهدد الصراع الدائر مستقبل السودان؟
- هل يستجب الجانبان المتصارعان إلى دعوات التهدئة ووقف إطلاق النار؟
- من يتحمل مسؤولة ما يجري من اقتتال في السودان؟
- وما مستقبل الحل السياسي والانتقال السلمي للسطلة في البلاد؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 17 أبريل/نيسان، من برنامج نقطة حوار الساعة 16:06 جرينتش.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar