BBC العربية
نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر مطلعة القول إن الجهود الأمريكية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله “باءت بالفشل“.
تأتي هذه التصريحات على خلفية مقترح أمريكي لعمل هُدنة، وُصف بأنه غير واقعي، فضلاً عن إصرار إسرائيل على أن تكون قادرة على فرْض الهدنة بشكل مباشر.
“بدون مقترح عمليّ على الطاولة قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية المزمع انطلاقها يوم الثلاثاء، يبقى الصراع مرشحاً للاستمرار لأشهر مقبلة”، حسبما قال مصدر سياسي لبناني مقرّب من حزب الله، ودبلوماسيان، بالإضافة إلى مصدر مطلع على المحادثات، لرويترز، شريطة عدم الإفصاح عن هوية أي منهم.
ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق على أسئلة تقدّمت بها رويترز.
وقال مسؤول أمريكي إن محادثات بين مبعوثَين أمريكيَين ومسؤولين إسرائيليين يوم الخميس، جاءت بنتائج أفضل مما كان متوقعا لها.
مسؤول أمريكي آخر، وصف الاجتماعات بـ”الموضوعية والبنّاءة”، لكن الولايات المتحدة لن تتفاوض علانية.
الخارجية الأمريكية من جهتها، أحالت رويترز إلى تصريحات للوزير أنتوني بلينكن قال فيها إن إسرائيل ولبنان كانا على الطريق صوب تفاهمات حول ما هو مطلوب لإنهاء الصراع، لكن كانت هناك حاجة إلى كثير من العمل.
“ساحة القتال هي التي ستقرر”
وعلى الصعيد الأمريكي أيضا، رأى الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، إن الوقت قد حان لإنهاء الصراع الإسرائيلي-اللبناني.
وقال ترامب، يوم الجمعة: “أعرف كثيرين من لبنان، وعلينا أن ننهي هذا الأمر تماما”.
تصريح ترامب جاء أمام جمهور يضمّ أمريكيين من أصول عربية في ميشيغان التي تعدّ من الولايات المتأرجحة.
وكانت الولايات المتحدة قد صاغت مقترحا بعمل هدنة لمدة 60 يوما، ينسحب خلالها حزب الله من الحدود الجنوبية للبنان، ويوقف الطرفان هجماتهما، وتنتشر قوات تابعة للجيش اللبناني قوامها 10 آلاف جندي في الجنوب، حسبما أفادت هيئة البث الإسرائيلي.
لكن دبلوماسيَين قالا لرويترز إن الجهود الدبلوماسية قد باءت بالفشل لأن مسودة المقترح لم تكن عَملية.
الحكومة اللبنانية من جهتها لم تعلّق بشكل علني على مسودة المقترح الأمريكي، لكن مسؤولين لبنانيين قالوا لرويترز إن إصرار إسرائيل على “الإنفاذ المباشر” لأي اتفاق يعني انتهاكا لسيادة الدولة اللبنانية.
وكان المبعوثان الأمريكيان عاموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، في زيارة لإسرائيل يوم الخميس حيث تباحثا مع مسؤولين إسرائيليين لوقف إطلاق النار، لكنهما لم يتّجها إلى لبنان للتباحث في الأمر نفسه.
وتعليقاً على ذلك، قال مسؤول سياسي لبناني مقرّب من حزب الله: “في ظل ما انتهت إليه محاولة هوكشتاين أمس، يبدو أن ساحة القتال هي التي ستقرر”.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية فجر السبت إن الغارات الإسرائيلية أسقطت 52 قتيلاً و 72 جريحاً خلال الساعات الـ 24 الماضية على بعلبك الهرمل.
“موقف الحكومة اللبنانية واضح بشأن السعي إلى وقف إطلاق النار”
ونفى مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي يوم الجمعة أن تكون الولايات المتحدة قد طلبت من بيروت إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، بعد أن قال مصدران لرويترز إن مبعوثاً أمريكياً نقل هذا المقترح لدفع محادثات إنهاء الأعمال القتالية بين حزب الله وإسرائيل.
وفي بيان لرويترز، قال مكتب ميقاتي إن موقف الحكومة واضح بشأن السعي إلى وقف إطلاق النار من الجانبين وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى آخر جولة من الصراع بين الطرفين في عام 2006.
من جهته اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، أن توسيع إسرائيل لقصف لبنان، مؤشر على “رفض مساعي وقف إطلاق النار”.
وأوضح ميقاتي في بيان صدر عن مكتبه بعد لقائه القائد العام لقوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان اليوم الجمعة، أن “استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجدداً بغارات تدميرية، هي مؤشرات تؤكد رفض إسرائيل لكل المساعي التي تبذل لوقف إطلاق النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701 كاملاً”.
تزامن ذلك مع تجدد الغارات الإسرائيلية الجمعة والتي استهدفت مدينة بعلبك شرقي لبنان، “دون إنذار إسرائيلي مسبق” للمنطقة التي تتعرض لغارات عنيفة خلال الأيام الأخيرة بحسب وكالة الأنباء اللبنانية.
وقالت الوكالة إن “الطيران المعادي شن غارة على حي الزهراء في مدينة بعلبك”.
كما نفذت إسرائيل أكثر من عشر ضربات جوية على الأقل فجر وصباح الجمعة، استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، لأول مرة منذ ما يقرب من أسبوع، وفق ما أعلنت وكالة رويترز.
وقد حذر الجيش الإسرائيلي على لسان المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي قبل القصف، سكان منطقة الضاحية الجنوبية “في بعض المباني في حارة حريك، تحويطة الغدير، الغبيري، برج البراجنة، والنبطية” بضرورة الإخلاء والابتعاد عن تلك المناطق.
وأوضح أدرعي في تغريدة عبر منصة إكس، أن هذه الأهداف هي “منشآت ومصالح تابعة لحزب الله” حيث سيعمل الجيش الإسرائيلي ضدها على المدى الزمني القريب.
وقتل ستة مسعفين على الأقل من هيئتين صحيتين تابعتين لحزب الله وحركة أمل الخميس، خلال غارات إسرائيلية استهدفت مناطق في جنوب لبنان، حسبما أفادت وزارة الصحة اللبنانية في بيانات منفصلة، ليرتفع بذلك عدد المسعفين القتلى منذ بدء التصعيد في لبنان إلى 178 شخصاً على الأقل.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن 30 شخصا لقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية على لبنان خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما يرفع إجمالي قتلى هذه الهجمات إلى 2897 على الأقل.
وأضافت الوزارة، في بيان لها يوم الجمعة، أن عدد المصابين بلغ حتى الآن 13150.
استهداف صور وبعلبك
وفي وقت سابق من يوم الخميس، استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية مدينة صور ومناطق قريبة منها في جنوب لبنان ومحيط مدينة بعلبك في شرق البلاد، في أعقاب إنذارات أصدرها الجيش الإسرائيلي بإخلاء تلك المناطق، وهو تدبير وصفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ”جريمة حرب إضافية” ترتكبها إسرائيل.
وشنّت إسرائيل وفق وكالة الأنباء اللبنانية “سلسلة غارات” على منطقة الحوش قرب مدينة صور الساحلية.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه قصف “مراكز القيادة والتحكم، ومقار إرهابية، وبنية تحتية إضافية تابعة لعدد من وحدات منظمة حزب الله الإرهابية، بما في ذلك وحدة عزيز وقوات الرضوان، في منطقة الحوش بجنوب لبنان”.
وتزامنت الغارات مع حركة نزوح “كثيفة” للسكان وتحديداً من مخيّم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، الذي شملته إنذارات الإخلاء الإسرائيلية.
ويعتبر المخيّم الواقع على بعد حوالى خمسة كيلومترات من مدينة صور، من أكبر المخيّمات في لبنان وأكثرها اكتظاظاً.
وإضافة إلى الحوش ومخيم الرشيدية، شمل إنذار الإخلاء ثماني بلدات أخرى في جنوب لبنان.
نتنياهو: الجيوش الإرهابية لن تكون على حدودنا بعد الآن
وفي سياق ذلك، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمبعوثَين أمريكيين أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني “يجب أن يضمن أمن بلاده”.
وقالت السلطات الإسرائيلية إن أكثر من 60 شخصاً قتلوا خلال الهجمات الصاروخية لحزب الله والطائرات المسيرة التي يطلقها نحو شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
وقبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الثلاثاء المقبل، ووسط جهود مكثفة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار، وصل مبعوثا البيت الأبيض آموس هوكستين وبريت ماكغورك إلى إسرائيل لبحث “حل سياسي” في لبنان و”سبل التوصل إلى وضع حد للنزاع في غزة”، وفق ما أفادت وزارة الخارجية الأمريكية.
وأوضح مكتب نتنياهو في بيان بعد الاجتماع، أن رئيس الوزراء أبلغ المسؤولين الأمريكيين أن “المسألة الرئيسية هي قدرة إسرائيل وتصميمها على فرض احترام الاتفاق، ومنع أي تهديد لأمنها يكون مصدره من لبنان”.
وفي وقت لاحق قال نتنياهو خلال مراسم عسكرية في جنوب إسرائيل “أقدر بشدة الدعم الأمريكي. وسياستي بسيطة، وهي أنه عندما يكون الأمر ممكناً أقول نعم، ولكن عند الضرورة أقول لا”.
وأضاف أن “الجيوش الإرهابية لن تكون بعد الآن على حدودنا، حماس لن تسيطر بعد الآن على غزة، وحزب الله لن ينتشر على حدودنا الشمالية في مواقع تسمح له بغزو إسرائيل، على بعد أمتار من حدودنا”.
حزب الله: أكثر من 95 قتيلاً في صفوف الجيش الإسرائيلي
من جانب آخر، أعلن وزير الخارجية التايلاندي الجمعة مقتل أربعة تايلانديين في شمال إسرائيل بالقرب من بلدة المطلة جراء صواريخ أطلقت من لبنان، مشيراً إلى إصابة تايلاندي آخر بجروح.
بينما نقلت وكالة فرانس برس عن رئيس المجلس الإقليمي للمطلة ديفيد أزولاي، أن خمسة أشخاص قتلوا في المنطقة، بينهم مزارع محلي وأربعة عمال أجانب.
بينما يقول حزب الله في بيان له فجر الجمعة، إن “الحصيلة التراكمية لخسائر الجيش الإسرائيلي منذ بدء العملية البرية في جنوب لبنان بلغت أكثر من 95 قتيلاً و900 جريح”.
من جانها أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن حصيلة القتلى بين جنود الجيش الإسرائيلي وصلت إلى 37 جندياً خلال المعارك المستمرة في جنوب لبنان وعلى الحدود الشمالية لإسرائيل.
وأشار حزب الله إلى أنه استطاع تدمير “42 دبابة ميركافا وعدد من الناقلات العسكرية والمدرعة، بالإضافة إلى إسقاط 5 طائرات مسيّرة”، مشيراً إلى أن هذه الحصيلة لا تتضمن “خسائر الجيش الإسرائيلي في القواعد والثكنات العسكرية والبلدات والمدن الإسرائيلية”.
وكان الحزب قد أعلن الخميس، “تنفيذ 25 عملية عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي تضمنت التصدي لمحاولات تقدم واستهداف مواقع وقواعد عسكرية”.
وقال الجيش الإسرائيلي صباح الجمعة إنه رصد حوالي 10 صواريخ أطلقت من لبنان نحو إسرائيل، مشيراً إلى أنه “تم اعتراض بعضها وسقطت أخرى في مناطق مفتوحة”.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية أن سلاح الجو اعترض طائرتين دون طيار قادمتين من الشرق في منطقة البحر الأحمر قبل دخولها المجال الإسرائيلي، واعترض طائرة أخرى دون طيار في الأجواء السورية، بالإضافة إلى طائرة أخرى قادمة من لبنان إلى منطقة الجليل الأوسط شمالي إسرائيل.