/العمانية/
الجزائر في 11 مارس /العُمانية/ تشير الدكتورة فلة شوط، في كتابها “ثقافة السّرد في خطاب جيلالي خلّاص الرِّوائيّ”، الصادر عن دار جودة للنشر بالجزائر، إلى أن الدِّراسات النّقديّة العربيّة المعاصرة أدركت الأعمال الأدبيّة الإبداعيّة بالتّحليل والنِّقاش، بغية بناء صرح نقديّ متماسك ذو أرضية صلبة، لا يمكن المساس بجوهرها إلّا للتّعقيب والإثراء والتّأويل، وهذا ما آلت إلى مصافِه الخطابات السّرديّة الجزائريّة.وتؤكد الباحثة أنها أقامت موضوع بحثها المعنون “ثقافة السّرد في خطاب جيلالي خلّاص الرِّوائيّ: دراسة سيميو ثقافيّة”، على هذا الأساس، فقد رأت ضرورة دراسة الرِّواية الجزائريّة في بُعدها السِّيميائيّ الثّقافي، وبيان ثقافة جيلالي خلّاص السّرديّة، بصفته القامة الإبداعيّة المعروفة بكتاباته الرِّوائيّة، ولهذا تطرّق البحث إلى دراسة ثماني روايات، وردت على النحو الآتي: رائحة الكلب، وحمائم الشّفق، وعواصف جزيرة الطّيور، وبحر بلا نوارس، وقرّة العين، وزمن الغربان، وليل القتلة، وحرّاث البحر.وتُضيف الباحثة أن الروائي جيلالي خلّاص تمكّن من امتلاك طابع التّميّز والتّفرد والتّجديد في كتاباته، فقد انفتح في خطاباته على عدد من المكمِّلات الفنيّة والثّقافيّة والتِّقنيّة الّتي جعلت تحاليل هذا البحث إجرائيّة، وأن الرِّواية الجزائريّة اليوم تمكّنت من بلوغ نوع من الحركية والدِّيناميّة في بعث الأحداث والشّخصيات والزّمان والمكان، أمّا فيما يخصّ دراسة عناوينها، فقد اتّسمت بالتّنسيق والاتِّزان الفكريّ والأيديولوجي، الّذي جعل البحث يتخصّص بدراسة العنوان سيميائيًّا مع إبراز الأبعاد الثّقافيّة والجوهر السّرديّ لها، من خلال النّهوض بثقافة الكاتب وشرحها وتفكيك رموزها المشفّرة، الّتي لا يزول الغموض عنها إلّا بمداومة القراءة للعمل الرِّوائيّ الواحد أكثر من مرّة.وتؤكد الباحثة أن هذه الدِّراسة السِّيميو – ثقافيّة تعدّ بمثابة الضّوء الّذي أنار مسار البحث، وسدّد خطاه المنهجيّة؛ فسيمياءُ الثّقافة هي من الاتِّجاهات النّقديّة السِّيميائيّة، وقد اهتمّت الاهتمام كله بدراسة الظّاهرة الثّقافيّة للنّصوص الأدبيّة الفنيّة، وتأكيد ضرورة الذّاكرة الثّقافيّة وأهمِّية توظيفها في المتون السّرديّة، وهذا ما يبدو جليًّا في خطابات جيلالي خلّاص الرِّوائيّة الّتي عزّزت ماهية المرجعيات السّرديّة الثّقافيّة والسِّياسيّة والاجتماعيّة والأسطوريّة والتّاريخيّة فيما يتعلّق بالذّاكرة وتعالق الماضي بالحاضر، ودورها السِّيميائيّ في بيان ثقافة الكاتب وتوجّهه الفكريّ والأيديولوجي.وترى الباحثة أن الرِّواية الجزائريّة اعتمدت في السّنوات الأخيرة، على طابعي التّجديد والتّجريب من ناحية الشّكل والمضمون، إذ إنّها أصبحت تعطي أهمِّية قصوى للعتبات النّصية بدءا بالعنوان، وكيفية مطابقته للمتن الحكائيّ انطلاقا من الشّخصيات وتضافرها الفعليّ مع الكون السِّيميائيّ المرتبط بالزّمان والمكان.وتقول هذه الباحثة: “إنّ المتعمّق في روايات خلّاص، يفهم أنّها تنشطر إلى مرحلتين مهمّتين: المرحلة الأولى، تتمثّل في الرِّوايات الآتية: رائحة الكلب، وحمائم الشّفق، وعواصف جزيرة الطّيور، وبحر بلا نوارس، وقرّة العين، والّتي تتميّز بأسلوب معيّن يتّسم بالرّمزية والتأويل والتّغيير، إلّا أنّ المرحلة الثّانية المتمثِّلة في الثّلاثيّة: زمن الغربان، وليل القتلة، وحُرّاث البحر، عرفت تغيّرًا في الأسلوب وكسرًا للحواجز والقيود من ناحية توظيف الرّموز والعلامات والأنساق الثّقافيّة المضمرة، الّتي يتقصّد الاشتغال عليها والتّأكيد على ضرورة تواترها في متونه السّرديّة”.وتختم الباحثة بالقول: “تكمن أهميّة هذا البحث في دراسة جيلالي خلّاص، المادّة الأدبيّة الغنيّة بإبداعاتها وإنجازاتها، والّتي ما زالت للأسف مهمّشة كسائر القامات الإبداعيّة الفذّة، ولمّا يتعيّن للقارئ الاطِّلاع على ما جادت به تحاليلنا السِّيميائيّة الثّقافيّة لرواياته، لربّما سيفهم الأسباب الّتي أدّت إلى دراستنا إيّاه، والتّأكيد على وجهات نظره الخاصة بالفرد والمجتمع والمفتوحة على مختلف الأنساق الثّقافيّة الزّاخرة بالرّمزيّة والقصدية والسّخرية، من الوقائع والمشاكل اليوميّة. وكلّ هذه التّوظيفات أفصحت عن حسّ ثقافيّ مرهف لجيلالي خلّاص، تحتفظ به خطاباته الرِّوائيّة المتنوِّعة”.يُشار إلى أن الدكتورة فلة شوط، حاصلة على شهادة دكتوراه في الأدب العربي، وتشتغل أستاذة للأدب العربي بجامعة الجزائر./العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري…